المشاركات الشائعة

الاثنين، 13 ديسمبر 2010

الحبيب على زين العابدين الجفرى يكتب: عاشوراء يوم النصرين



١٢/ ١٢/ ٢٠١٠

فى صحيح البخارى «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَجَدَ اليَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: هَذَا اليَوْمُ الَّذِى أَظْفَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَبَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ، وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِصَوْمِهِ» (كتاب المناقب، باب إتيان اليهود النبى صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة).

فإلى جانب دلالات أننا أولى بسيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلوات والسلام من يهود، أكرم الله سبحانه وتعالى نبيه وكليمه سيدنا موسى على نبينا وعلى آله أفضل الصلاة والسلام فى يوم عاشوراء بالنصر على عدوه، وكلنا نعرف قصة سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، حين أمر الله تعالى رسوله بأن يسرى ببنى إسرائيل خروجاً من طغيان فرعون الذى تملَّكه الكبر والكبرياء، والكبر إذا تمكن من القلب مع وجود سلطة ما من قوة أو مال أخذه إلى معانى الطغيان، والطغيان يُخرج الإنسان عن الثبات واتزان التصرف.


حتى إذا وصل بنو إسرائيل إلى حد البحر وتلاقى الجمعان وأدركوا أنهم قد أحيط بهم من البر والبحر وأسقط فى أيديهم إذ لم يعد لهم من الأسباب من شىء، فها هو فرعون يلاحقهم ويطبق عليهم بكل كبريائه وجبروته، قالوا: «إِنَّا لَمُدْرَكُونَ»، فما كان جواب سيدنا موسى إلا قوله: «كَلَّا إِنَّ مَعِىَ رَبِّى سَيَهْدِينِ»، فالهداية والنجاة التى كان يرتقبها عليه السلام لم تكن من التخطيط ولا التدبير، فهذا كله من قبيل الأخذ بالأسباب التى تعبدنا الله بضرورة الأخذ بها، لكن اعتماده عليه السلام كان على مسبب ورب الأسباب، فإذا توقفت الأسباب الدنيوية وانتهت إلى حصار البر والبحر وإطباق فرعون وجنوده عليهم من كل جانب، فإن رب الأسباب ومسببها باق سبحانه وتعالى.

وهذا يورث فى قلوب المؤمنين حقيقة اليقين وعدم الاهتزاز، وعندما يمتلئ قلب المؤمن بأن الله معه تظهر عجائب آيات وقدرات الله تعالى فى التثبيت والنصر، فما ظنكم بطائفتين دخلتا بقعة واحدة من البحر فينجى الله تعالى بفضله الأولى ويغرق الثانية، لأن الأولى دخلتها باعتماد على الله عز وجل وثقة بموعوده ونصره، ودخلتها الثانية باعتماد على الطغيان وآلة الحرب وعدم تكافؤ العدد والعتاد.

فهذا من معانى يوم عاشوراء فيما يتصل بالنصر الأول، والتى جعلها نبينا عليه وآله الصلاة والسلام مناسبة خاصة بنا تستوجب شكر المنعم سبحانه وتعالى بصوم يوم عاشوراء، إذ نحن أولى بموسى من اليهود، فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: «أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِى عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقَالَ: أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ»، (صحيح البخارى، باب وهل أتاك حديث موسى)، بل ووصفه عليه الصلاة والسلام بقوله: «إِنَّ عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللهِ» (صحيح مسلم، باب صوم يوم عاشوراء).

ومن فضل يوم عاشوراء أن قريشاً والعرب فى الجاهلية كانت تعظم هذا اليوم وتصومه، فعن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت: «كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِى الجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لاَ يَصُومُهُ» (صحيح البخارى، باب أيام الجاهلية)، مع حثه عليه الصلاة والسلام على فضل صوم يوم عاشوراء بقوله: «وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ» (صحيح مسلم، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر).

لكن هناك معانى أخرى للنصر وإن لم يظهر بادى الرأى للناس معنى النصر فيها، فهل نعد على سبيل المثال ما جرى فى غزوة أحد نصراً؟ وكيف نسميه نصراً رغم ما به من قتلى وجرحى وتمثيل بالأجساد؟ إن وجه النصر فى هذا الموقف هو ما تعلمه الصحابة رضى الله عنهم أجمعين من أن النصر قرين الثبات على المنهج والثبات على أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقولوا لى بالله عليكم كيف كان للمسلمين أن يشعروا بالنصر مع مخالفتهم منهج رسول الله عليه الصلاة والسلام؟

وهو الأمر الذى تكرر فى غزوة حنين حين خرج مع جيش المسلمين عدد من حديثى العهد بالإسلام، وأعجبتهم كثرة الجيش من عدد وعتاد وقالوا لن نهزم اليوم من قلة تعبيراً عن تحول خطير فى منهج الاعتماد على الأسباب. فلما أعجبتهم كثرتهم حصل الانكسار والهزيمة المحققة، لتبرز لنا معانى النصر الحقيقى فى ثبات الرسول عليه الصلاة والسلام والناس من حوله ينهزمون، ثم يأمر عمه العباس رضى الله عنه بأن ينادى أصحاب بيعة الرضوان والمهاجرين والأنصار والأوس والخزرج، أى كل هؤلاء الذين عايشوا معنى التربية على الثبات وعرفوا معنى الصلة بالنصر الحق، بل يذكر ابن هشام أن الرجل منهم كان يذهب «لِيُثْنِىَ بَعِيرَهُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَيَأْخُذُ دِرْعَهُ فَيَقْذِفُهَا فِى عُنُقِهِ وَيَأْخُذُ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ وَيَقْتَحِمُ عَنْ بَعِيرِهِ وَيُخَلّى سَبِيلَهُ فَيَؤُمّ الصّوْتَ حَتّى يَنْتَهِىَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ».

ولكم أن تقارنوا وجهى النصر فى ارتباطه بالثبات فى غزوتى أحد وحنين، وما أشبه الليلة بالبارحة، فعندما تعيش الأمة عقلية البحث عن الغنائم وتتنازل عن الثبات طلباً لها تخرج صفر اليدين: لا نصر ولا غنائم، وعندما تتعلم الأمة حقائق الثبات وتثوب إلى رشدها تأتيها الغنائم بأكثر ما توقعت مع النصر المبين.

وذلك أيضاً هو المنهج الذى تربى عليه الإمام أبوعبدالله الحسين، سبط رسول الله، عليه وعلى آله الصلاة والسلام، وعاشه وعلمنا إياه فى يوم النصر الثانى، من الثبات على الحق مهما كانت دعاوى الباطل وزيفه وجبروته دون مداهنة ولا نكوص ولا قبول إغراءات، معنى لا زالت الأمة تنهل من دلالاته بعد كل تلك القرون المتلاحقة.

بقلم الحبيب علي زين العابدين بن عبدالرحمن الجفري

هناك تعليقان (2):

  1. بسم الله والصلاة والسلام على الحبيب محمد رسول الله وعلى آله لأطهار وبعد
    نعم والف نعم نحن أولى بانبي موسى عليه السلام من اليهود ولكننا أولى من كل الناس برسول الله وبالنبي إبراهيم ونوح وذنون عليهم السلام فقد أنقذ الله نبيه وأبو الأنبيا إبراهيم من النار . وأنقذ نبيه نوح من الطوفان ونجى نبيه ايوب من بطن الحوت ونجى نبيبه وحبيبه محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام من قريش عندما همت بقتله حينما نام بدلاَ عنه أول فدائي في الإسلام علي عليه السلام. أولا يدل ذلك أن نبينا وباقي الأنبياء قد لاقوا أشد مما لاقاه موسى أو على الأقل على نفس الدرجه أولا يستحق منا ذلك الصيام في أيام نجاتهم أم نحن نقلد اليهود فقط .ملاحظة تستدعي الإلتفات

    ردحذف
  2. اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى ال سيدنا محمد

    ردحذف